-A +A
رؤى صبري
النق مصطلح متعارف عليه في العامية ويشير في الغالب إلى كثرة الإلحاح على شيء معين، وفي أغلب الأحيان تقع عليه الملامة عند عدم نجاح شيء ما، والواقع أننا نلوم كل من (نق) في الموضوع وأدى إلى تعثره.
والحقيقة أن كل الناس «ينقون» وإن كانوا يشكون من كثرته، ففي الغالب ما يعلقون على الأشخاص الذين حالفهم الحظ أو واتتهم فرصة ما، ليس ذلك فحسب، بل إننا جميعا نظل نعيد ونكرر عن المعجزة التي جعلت شخصا ما، يحصل على ما أراد، وفي الغالب نعزي ذلك إلى قوى خارجية.

وحين نطأ أمر الواقع نجد كثيرا من الناس يكتمون أسرارهم، ويحرصون على تمام حاجتهم في سرية تامة وغموض لأبعد درجة خصوصا، في أمور مهمة كالزواج أو الوظيفة وغيرها مما يتمناه البشر ويسعون إليه.
وحينها أتساءل إذا كنا نتشاءم من «النق» ونحذره لتلك الدرجة لماذا ننق؟! والأمر المؤسف أننا جميعا مذنبون في ذلك الأمر فكثيرا ما نشير لفلان أو علان بحصوله على مراده بسلاسة وسهولة دون أن نعرف حقيقة ما مر به فلان بل نقفز لاستنتاجات قد تكون غير صحيحة، فليس من المعقول أن يملك كل الناس امتيازات هائلة تجعلهم يحصلون على ما يريدون بلمسة زر أو بين ليلة وضحاها.
والسؤال الحقيقي هو: من ينق؟، والواقع يعكس دائما وأبدا أنهم أناس يشعرون بعدم الثقة بالنفس وعدم الرضا، مما يجعلهم عميانا أما الكنوز التى يملكونها والتي تجعلهم بالتالي عرضة للنق !!.
ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن «النق» ينبع من ضعف إيمان بالله الذي يجعل النفس البشرية متشككة غير قادرة على الوصول لدرجة العمق الذاتي الذي تستمد منه الرضا والسعادة، فحين ندقق في معنى «النق» نجد أنه يوازي معنى الحسد وهو (تمني زوال النعمة عن الآخرين) وحينها نتعجب حين نرى أناسا تربوا على معان إسلامية نبيلة يتصرفون بطريقة كتلك، فكلنا نعرف أننا نفقد في الحياة شيئا ونكسب آخر، أحيانا نفقد أكثر مما نكسب وفي أحيان أخرى يكون العكس، لماذا نكسب ونخسر؟!، تعتمد إجابة هذا السؤال على عوامل كثيرة منها مدى الجهد الذي يبذله الإنسان وصدقه مع نفسه والآخرين..
والعجيب أن كثيرين لا يعلمون ما يخلقه «النق» من غضب وسخط وكره مما يزيد من مرارة العيش وتصبح طاقة الإنسان ضعيفة في تحمل الصعاب الواردة في الحياة اليومية.
اليوم أرفع شعارا أقول فيه: (لا للنق) .. بل أتمنى أن يصبح هناك يوم عالمي توعوي تعرض فيه مساوئه ومدى استهلاكه لصحة الإنسان النفسية التي هي نقطة ارتكازه في الحياة.